السبت، 27 ديسمبر 2008

بين الكوفة وغزة....منطق الجبر واحد!

... تطالعنا الأخبار الواردة من غزة فى مساء يوم السابع والعشرين من شهر ديسمبر بنهاية العام الميلادى الثامن بعد الالفين , عن مذبحة نكراء , قامت بها القوات الجوية الإسرائيلية ضد اهداف تتبع حركة حماس , وتم استهداف المقار الأمنية وسقط جراء ذلك العديد من القتلى والجرحى عدوا حتى خطى هذا المقال هذا المساء بزهاء المائتين قتيل وضعف هذا العدد جرحى ... فى خضم هذه الاحداث تأتينا اخبار العالم بتقرير الصهاينة وانهم يحملون المسؤولية كاملة لحركة حماس وانها تحرشت ب " اسرائيل " فأذاقوا الشعب فى غزة مرارتين , مرارة الحصار , ومرارة الفرقة , حتى حكموا عليه بالموت قتلا وتفجيرا .... وفعلوا فعلتهم على الحقيقة و قالوا بل فعلتها حماس!!.

.... وتطالعنا فى نفس الاوقات , كتب السيرة التى تروى لنا عن نقاش حدث بين عبد الله بن عمرو وبين معاوية بن ابى سفيان فى فتنة الجمل , ومقتل عمار بن ياسر , فكان نقاشه عبد الله لمعاوية ان استنكر البغى وقتل عمار فأجابه معاوية فماذا نفعل؟ قال عبد الله: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تقتلك الفئة الباغية) – مخاطبا عمار-  قال معاوية : أنحن قتلناه؟ وإنما قتله علي حيث جاء به إلى الحرب! فقال عبد الله: فحمزة قتله النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء به إلى أحد؟!! , بغض النظر عن نسبة القصة من عدمها , او منطقيتها من غرابتها , فالشاهد فيها هو تبديل الادوار وانكار الفعل الحقيقة لفاعله , وهو ما يتشابه مع فكرة الجبر التى ذاعت فى الفكر السياسى والدينى الأمويين , حين قالوا " لو كره الله شيئا لغيره " وحين قالوا " إنما معاصينا أمر من الله علينا لم نفعله على الحقيقة ولم نملك ان نغيره "...... فما اشبه الليلة بالبارحة حين يمتطى الصهاينة رقاب المسلمين ويقولون هم من وضعوا انفسهم فى هذا الوضع.

ها نحن نمسى بين الكوفة وغزة , وكل هزيمة وخزى وعار يضاف لمخازينا التى لم تعد تعد ولا تحصى فى شتى المجالات , واكبر خزى يقع فيه الناس حين يدعون زورا وبهتانا انهم شعب الله المختار , وما سواهم قردة وخنازير , وان يناموا على سرير المسلمات , ويقولون إنما نحن من آمن بالفطرة , وسنهزم كل الاعداء , ونسوا انهم هم انفسهم بجهلهم وتخلفهم أضعف الضعفاء وأحمق الحمقى , فالنصر يكون كما الهزيمة , بالسبب والمسبب , لا بالدعوى التى لا تبرح مكانها سوى ان تنسب الجور والفساد فى الأرض لله تعالى , او ان تنسب هزيمتها المؤكدة لغضب الله لأن نفرا من ابناءها حلق لحيته يوم الجمعة.....!!

....... تحضرنى ابيات الشاعر حين تحدث عن امله فى رؤية العدل يوما ما يتحقق فى مجتمعات الاسلام فقال : -

إلى متى لا نرى عدلا نسر به.....ولا نرى لدعاة الحق أعوانا

مستمسكين بحــق قائلــين بــه.....ولو تلون أهـل الجور ألوانا

 

زمن العدل هو زمن الانتصار, وزمن التمكين هو زمن إقامة العدل , ليس العدل الذى يجعل من الحاكم طاغية باسم الشعب أو القانون أو الدين , بل يجعل من الحاكم خادما للشعب بعقد المراضاة الذي بينهما , ليس بالوثوب على السلطة وجعلها هدفا , وكأن رقاب الناس وحرياتها تورث وتباع وتشترى بشعارات تملأ المكان , ولا بادعاء الاغلبية المسيرة ....

ماتزال صرختنا فى واد سحيق , وما تزال رؤيتنا ابعد مما يمكننا , فاليوم غزة والامس الكوفة وبينهما كربلاء وبغداد , والقيروان والمدينة , والقدس ودمشق , فماتزال عقليتنا اضعف من ان تدرك , انها لا تزال على خطأ فى التصور والتصرف , ومازالت تعيش فى كنف المتخيلات , وتحلم احلاما طوباوية وردية , وتنسى الواقع الذى إليه يعود كل شئ , فهذا كلام وهذا عمل , ويبقى الواقع...... يصدق هذا كله او يكذبه.


الاثنين، 22 ديسمبر 2008

وقفات على طريق التحرر

…. اليوم , تشدو الشعوب العربية بأصداء الحرية والتحرر , وكأى شعب فى العالم , وهى رغبات متجددة فى المجتمعات المتطورة بالسنة الربانية فى تطور المجتمعات , وعلى هذا الطريق يتحرك المثقفون والنخب السياسية والفكرية لقيادة الأمة من مستنقع الركود الذى يولده القهر السلطوى والإرهاب وسياسة إسكات الأفواه فضلا عن تقطيع الأيدى والملابس أيضا!!!, وحركتهم تنهض من واقع أليم يسعون إلى تغييره, بكونهم حملة شعلة العقل فى المجتمع وأمناء على نهضة امتهم, وأهل الإصلاح فيه , وهنا لدينا عدة وقفات حول مستقبل وحاضر – فالماضى لا داعى لوصفه فالكل يعرفه - هذه الحركة , لا لنقدها بل مساهمة فى رسم طريقها , الذى هو طريق أهلى ووطنى وقومى.

أولا : لدينا على أرض الواقع نظم متسلطة فاسدة , وسياسات مميته لنهوض الشعوب العربية , بعضها – إن لم تكن كلها – مفروضه من الخارج الأمريكى والصهيوني – لتقويض نهضة الأمة كأمة العرب أو أعداء الصهيونية , لم يعد بد من فتح اعيننا على هذه التسلطات الأجنبية التى – بجبن من الحكام وخيانة للدولة والشعب – ما كان منهم إلا أن باعوا الوطن والأهل لأمريكا والصهاينة بالإقتصاد والفكر والمعيشة حتى فقد العربى انتمائه لوطنه لأنه ببساطة اصبح وطنا بلاهوية , وارضا بلا شعب!! , وهنا تكمن العقبة الأولى , وهى إعادة قيادة الشعب وثقته فى نفسه وإعادة قيادته تعنى أعادة ثقته فى أن أفراده مواطنين فى بلادهم , لا مهمشين أو تحت الاحتلال الأمريكي أو الصهيوني. فما هى خطط الحركات التحررية المعاصرة " كفاية مثلا " لإعادة هذه الثقة؟؟.

ثانيا : هل ستترك الإمبراليات العظمى – أمريكا وحلفائها فقط الآن- بلادنا تتقدم؟؟؟ الإجابة بالطبع لا , إذن ستتعرض البلاد لعقوبات وربما تدخلات عسكرية , هل قادرة الحركات التحررية على الصمود والإبقاء على تماسك الشعوب بل وصد هذه التدخلات أم لا بد من الإذعان والدوران فى الفلك الأمريكي؟؟؟.

ثالثا : هل يوجد لدينا مقومات التحرر من الأصل؟؟؟ أم اننا بالأصل لا بد أن نكون تابعين؟؟؟.أيضا على الحركات وضع منهجية تفكير واضحة وإيصالها للشعب عن طريق مثقفيه وإقناعهم بضرورات الحرية , للشعب وللدولة. أى داخليا وخارجيا.

رابعا : هل يمكن لأمريكا أن تحتوى هذه الحركات التحررية كما احتوت غيرها من الحركات إما بالدين مثلا أو بالمال أو أو أو....؟؟؟ السؤال هل يمكن مواجهة سياسية الترغيب والترهيب الأمريكية ؟؟ وماهى الآليات الممكن لهذه الحركات للصمود وعدم المساومة؟؟.

أتمنى أن يناقشنى أحد فى مستقبل بلادنا وأولادنا ومستقبلنا نحن الشباب الذى يعرف حاله الجميع.

بالانتظار!!
انتهى.

افتحوا أعينكم واتقوا الله فى أسامة*

هل الأرض كروية وتدور ؟ في القرون الوسطى كانت السلطة للكنيسة الغربية على أوربا مطلقة تحكم على من يقول علما في الكونيات يخالف مدونات سفر التكوين بأنه من أصحاب الهرطقات ويستحق القتل ، وما قصة جاليلو عن الذهن ببعيد .

وإذا كانت الكنيسة في تلك العصور تمنع التقدم العلمي ، فإن الإسلام منع أن يكون لأي من المسلمين سلطة على العلم ، قال تعالى [ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ](الزمر: من الآية9) ومن هنا انطلقت المسيرة العلمية بين المسلمين ، وكان لهذا الانطلاق الفضل في كسر سلطة الكنيسة على العلم تأثرا بالمسلمين ، فأزيلت سلطة الكنيسة وحل محلها فصل الدين عن الحياة ، نتج عن ذلك تقدم الغرب في مضمار المكتشفات والمخترعات ، وتقلص عند المسلمين البحث العلمي فتأخر المسلمون ، حتى أزيل الإسلام عن قيادة الحياة في شقيها التفكير والتسخير .

لقد قبع المسلمون منذ منتصف القرن الخامس الهجري في معطيات إسلامية مذهبية ، وأذ من لوازم المذهب منع الاجتهاد والتفكير بالدوران حول الرموز التي اختارها المذهب ليدور الناس حولها وجد من جراء ذلك ثلاثة أنواع من الرموز في كبريات تلك المذاهب الإسلامية وحجر العقل عن قراءة هذه المذاهب كما كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فالفكر السلفي جاء بنظرية عدالة الصحابة ليس على سبيل النظر لمجموعهم بل النظر لكل فرد منهم بمفرده ، ونادوا بمنع القراءة النقدية لمنعطفات في التاريخ الإسلامي كان لها دور كبير في صنع الكارثة التي تلفنا معشر المسلمين ، فصار النموذج التاريخي لعصر الصحابة رضوان الله عليهم ـ وهو نموذج إنساني ـ ممنوع على القراءة النقدية للاتعاظ بحوادث التاريخ .

هذه الصورة ـ صورة المنع ـ تتكرر المرة تلو المرة في المجتمعات العربية الإسلامية ، وتثير زوبعة تتلهى بها زمرتان من المثقفين : زمرة الإسلاميين ، وزمرة التغريبيين والزمرتان تمنعان الاجتهاد داخل الإسلام وخاصة معطيات التاريخ والثانية تحكم على الإسلام الذي أقر عدوه بتقدمه في مضمار المعرفة والعلوم طيلة قرونه الخمسة الأولى بأنه سبب البلاء الذي نحن فيه الآن .

والمثل الحي على هذا القول في هذه الأيام ما يجري للكاتب أسامة أنور عكاشة الذى أختلف معه أنا شخصيا فقد عومل الرجل بصورة كما فى المثال المذكور والمشهور من كتب الذين يطالبون اليوم بدمه والتفريق بينه وبين زوجته!!فقالوا أن من قال بدوران الأرض فهو كافر!!,الرجل-وكأى إنسان حر له الحق وكل الحق فى التعبير عن رأيه الذى يكفله له الدستور المصري-أبدى رأيه فى قضية تاريخية مسطرة بالكتب وأفعال أوجدتها شخصية ما مكلفة مثابة إذا أحسنت معاقبة إذا أساءت ولاتخرج أبدا-بأى حال من الأحوال-عن سنة الله الربانية فى أن من عمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرة شرا يره ولو كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم, والله تعالى قرر هذه الحقيقة أن الأفعال الطيبة إن وجدت لا تعطى العصمة أبدا ولاتخرج الإنسان من سنة التكليف فقال عن أهل الرضوان الذن بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم : " فمن نكث فانما ينكث على نفسه" ]الفتح: من الآية 10[ وهذا يدل على أنه لا حصانة وأفعالهم هى التى تحكم عليهم بعد ذلك فهم مكلفون ومازالوا,ليس أهل الرضوان فقط, بل الجميع, والطلقاء الذى أسلموا بعد اسقرار الأمر للنبى صلى الله عليه وسلم فى مكة أولى بهذا,وأفعالهم بعد ذلك تعلمنا من أحسن ومن أساء,وأوضح أسامة أنور عكاشة-كأى راو-حقائق تاريخية لم تختلف الأمة على وقوعها وإنما اختلفت-بل وأجبرت على الخلاف-على النتائج المتعلقة بتلك الأحداث, متحولة إلى قواقع عديدة,يلعن بعضها بعضا,وتدعو عليها بالويل والثبور.

لم يكن أسامة أنور عكاشة الضحية الأولى لقواقع مذهبية قديمة,بل واستحدثت أحكاما-ما أنزل الله بها من سلطان-ونشأت نظريات عديدة سياسية متمسحة بالدين على يد السلطة الأموية الجبرية, كأحكام حد"سب الصحابي!!!" ,و"عدالة الصحابة" وأطلقت إطلاقا على مصراعيه,ناهيك عن وضع تعريفات للصحابي تكاد ترفع المتربعين على رقاب المسلمين إلى مرتبة العصمة بل وتبطل التكليف تجاههم!!!,والذى يحقق فى هذا الموضوع يجد عديد روايات,ولا أصدق من التاريخ لفهم ماوقع ومعرفة ماصح وما هو دسيس على المرويات.

والقواقع الباقية اليوم وهى ليست قليلة وإن كانت ولاشك أقل وطأة من السابق حيث كان يستباح عرض من لا يسب الإمام علي وهو من هو!!.بل ووإن أحد ثقات البخاري الذى تدين له اليوم عديد قواقع بالعصمة بعد كتاب الله تعالى! وهو حريز بن عثمان الذى روى البخاري له حديثين بل وكل أصحاب الصحاح الست عدا مسلم كان يتقرب إلى الله بعد كل صلاة بلعن الإمام علي وفى هذا الموضع العديد من الثقات والدغمائيات والمتناقضات الكبيرة جدا جدا جدا فعدد من هؤلاء الثقات مشهورون بالنصب وسب الإمام علي رابع الخلفاء الراشدين بينما كان من يقدمه على سيدنا أبى بكر وسيدناعمر تترك روايته ويفسق بل والشاهد أن من كان يتاول أبابكر بالسب كان يقتل ويتهم بالردة من قبل المحدثين!! فلماذا يرتد الراوي إن سب أبا بكر أو عمر، وإن سب علياً فهو ثقة ثقة ثقة ؟!.طبعا أنا لست فى معرض الحديث عن التاريخ ولكنى أقول إن عمرو بن العاص-ولست فى موضع سرد أفعاله المعروفة لكل من قرأ عنه-ليس أبدا لا فى مقام علي ولا أبى بكر رضى الله عنهما وقد كان المفتري على علي الكذب ثقة صاحب الكتاب الذى ادعوا له العصمة فماذا يقولون بمن قرر حقائق ولم يفتري عن شخصية تاريخها لاينكره إلا مكابر؟ وماذا يقول المتقوقعون الظلاميون فى هذا الراوى المجرم؟؟ألا تسقط عدالته؟؟أما يستحق الحرق حيا لأنه تطاول على "عدالة الصحابة" بل وبالكذب فالكل يعلم من علي وما مقامه وماذا قال الشيخ محمد عبده-الذى لطالما عانى هو أيضا من الظلاميين-عن كتابه نهج البلاغة فهو أبلغ كلام لأهل الأرض بعد كتاب الله وحديث نبيه صلى الله عليه وسلم, أم أن الهوى المذهبي والقوقعي لن يزول وطبعا لن يزول بمقال واحد من رجل بسيط مثلى.

كل ماسبق هو موقف من الرجل وبيان لما فعل ولكن الأخطر من ذلك هو أن الأفكار أصبحت تناقش فى المحاكم وتحت سيف التكفير والتفريق بين الرجل وزوجته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم, ماهذا؟؟وكيف يعرض أصحاب الفكر-الذى أختلف معه- لمثل هذا التشهير والإرهاب لأنهم قرورا حقائق؟؟أو قالوا فأخطأوا.يقوموا فى المحاكم؟؟؟وكأنها جناية؟؟وأين دستورك يامصر الذى يكفل حرية التعبيرعن الآراء وحرية الاعتقاد؟؟هل أكلته طوارئ الطوارئ مع ما أكلت؟؟ليتها أكلت الإرهاب الفكرى بدلا من أن تأكل الحرية.

إن الحملة التى تقاد اليوم ماوصمتها إلا القوقعية العمياء وكأننا مازلنا نفضل العيش فى قوالب متقولبين فيها يرى كل واحد منها الآخر ضالا كافرا مبتدعا هالكا وكأن الجنة والنار ملك لهم ولآبائهم الذين قلدوهم فيدخلون فيها من يشاؤون ويخرجون منها من يشاؤون والواقع أنهم ما يشاؤون إلا أن يشاء آباؤهم الأقدمون.

فليخبرونى ماذا يقولون فى الشيخ ابن تيمية الذي يعتدون به وكأنه معصوم ويصدرون أحكام التكفير اليوم من كتبه التى خطت من حوالى 700عام!!ماذا يقولون فى كتابه الذى أسماه " منهاج السنة النبوية " وهو يمثل صورة مثالية للتناحر القوقعى فأراد أن يهاجم قوقعة أخرى اسمها الشيعة الإمامية فتطاول على الصحابة وقال عن علي بن أبى طالب أنه قاتل للرياسة لا للديانة!!!وقال أنه أسلم صبي وإسلام الصبى لايصح على قول!!!وقال أنه لطالما طلب الخلافة والرياسة ولم ينالها!!وإنه كان مخذولاً حيث ما توجه!!....فليخبرونى أبمثل هذا الكلام وصاحبه يعتدون؟؟فليطبقوا ما شاؤوا على ماقال.

أين نمسى اليوم ونحن على هذا الحال فى مصر؟؟ وأين نصبح غدا بهذا الوضع؟؟ فقضية كهذه مثلا وهى قد اختلف فيها المسلمون – طبعا خارج فلك القواقع- بعضهم داخل القواقع وآخرون تحرروا من قواقع مواريث الآباء فنجد مثلا أن العديد من المفكرين والمؤرخين المنصفين فى الإسلام الذين حاولوا الخروج من قواقع الموروث المذهبي كالمعتزلة وعدد من علماء الأشاعرة الأزاهرة كالشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا وكذا العديد من الذين من الله عليهم بفتح أعينهم.....قاموا بنقد التاريخ الإنساني وأعطوا أراءا متقاربه على اختلاف مشاربهم وخلفياتهم الذين اتصفوا بالنزاهة والبعد عن التعصب إما الشيعي المتحامل على عدد من الصحابة رضوان الله عليهم وإما الأموي الجبري الناصبي .

إن اللفظ الذى استخدمه الأستاذ أسامة واصفا به الشخصية السياسية التاريخية التى أوجدت تلك الأفعال التى يعلمها الجميع وهى لا شك أفعال عذر وخيانة وطلب دنيا باعترافه الشخصي الموجود فى كتب التاريخ,بوصفه "أحقر شخصية فى الإسلام" وإن كان هناك من هم أحقر وأفعل التفضيل هنا غير محدد فيطلق ,أو لنقل أنها أحقر الافعال الصادرة من منتسب للإسلام , وطبعا الإسلام حجة على الجميع , هذا اللفظ أثار العامة وكان من عتاب بعض المفكرين له ألا يطلق اللفظ أمام العامة ولكن الحقيقة أنه لو لم يقل لا حقير ولا أحقر ولكنه لم يمتدحه فقط لثارت عليه التهم لأن الأمر مربوط فى أذهان بعض الظلاميين والدغمائيين بذوات "مقدسة" خارج ميزان النقد والتكليف والصواب والخطأ!! أو على نظرية " الخليفة ظل الله فى الأرض " وحزبه طبعا!!.

وفى ظل تلك الحملة المعلنة على الرجل , يلجأ أصحاب القواقع إلى إتهام المخالف لهم بأنه من قوقعة أخرى!!فرأينا كيف أن المحامى الذى رفع القضية على الرجل اتهم الرجل بأنه لجأ لكتب الشيعة!!! ونسى المحامى أن مراجع التاريخ السنية المذهب هى ممن وصفت أفعاله, ثم إنه من مصيبة أمتنا الإسلامية والعربية أنها ترى التاريخ من وجهة مذهبية وكأن الحق حكرا على هذا المذهب لاغيره ومن هنا يتحول المذهب إلى قوقعة تضم تحت كلستها أعدادا جمة , وما أكثر العوام . بل والطامة أن يتحول الأكاديميين والمفكرين أيضا إلى متقوقعين متقولبين.

إن أفعال عمرو بن العاص بل والصحابة جمعاء ليست حجة على الإسلام ولا دليل عليه لأن التشريع انتهى بإتمام الله تعالى له على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم , فيظن الدغمائيون بأن انتقاص عمرو بن العاص بأفعاله التى عليها يشهدون هو انتقاص من الدين!!!ومن هنا قالوا ب" عدالة أفراد الصحابة " ولم يعودوا معصومين فحسب , بل يتمتعون بحصانة من النقد حتى لو أدى الخلاف بينهم إلى لعن بعضهم بعضا على المنابر وتربصهم بالآخر وسفك دماء آلاف المسلمين!!وتفريقهم واستباحة دمائهم , ويرى بعض الناس ولا أعرف كيف يقولون ذلك بأن لولا عمرو بن العاص لما أسلمت مصر!!!وكأنهم بذلك ينظرون لمقولة أن الإسلام انتشر بحد السيف!!فعمرو لم ينشر الإسلام بمصر وإنما طرد منها الروم ثم أنه لم يرتجل ذلك وإنما ذهب إلى هناك بناءا على أمر خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب الذي كان عمرو بن العاص ولاشك يهابه لشدته وغلظته فى الحق رضى الله عنه.

ومع ذلك لا عمر ولا عمرو من نشروا الإسلام بمصر وإنما هو هذا الدين الذى نشر نفسه الدين الذى حرر العباد لعبادة رب العباد إنه دين محمد صلى الله عليه وسلم والذى هو حجة على عمرو بن العاص كما هو حجة على عمربن الخطاب بل وأهل الأرض جميعا, والمراجع للتأريخ العددى لسكان مصر وأديانهم منذ الفتح الإسلامى يعلم حقيقة ذلك.

لا أعرف من أين نهض أسامة أنور عكاشة ليقول هذا الرأى فهل نهض من خلفية المتدين الذى أخذ بالحديث الذى يرويه الحسين بن علي من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله فلم يغيرعليه بقول ولا فعل كان على الله أن يدخله مدخله , فأراد بعد أن شارك فى المسلسل بأن يتبرأ إلى الله من هذا الوصف , أم نهض من خلفية الإنسان الرافض للظلم الثائر على إدعاءات القدسية المزيفة أيا كانت عقيدته وفكره الذى لا يحق لنا أنا نحاسبه عليه فى المحاكم , أم نهض من خلال خلفية وقافة على نقاط فى التاريخ الإسلامي مزقت الأمة العربية والإسلامية حتى اليوم المهم أنه قال ماقال ولاتهمنى الدوافع ولكن الحقائق التى أتى بها أقوى من أن يزيفها أطراف الصراعات القوقعية.

لاشك أن هذا المقال لن يروق للعديد من طلاب القواقع وربما يستحلون دمى كما فعلوا مع أسامة أنور عكاشة فأنا لست بأحسن حظا منه. و فى النهاية أفتحوا أعينكم وأتقوا الله فى أسامة وفى الناس وأخرجوا من قواقع المذهبية...وإلا فخراب الدين والدنيا.

*منشور بتاريخ 9 نوفمبر2004
http://arabtimes.com/Mixed%208/doc52.html

الأسلمة والأمركة*

أضحت بلادنا منذ تحول الدفعة نحو الغرب بين مطرقتين , مطرقة القوميين وتشمل الناصريين والشيوعيين وعددا كبيرا من القيادات العمالية والفلاحين وينضم إليسها بعض قيادات الاسلام السياسى المتمتعة بالوعى , والمطرقة الثانية مطرقة الأمريكان والصهاينة .

 ولم يكن , كالمعتاد , توافق رغبات الحكام والمحكومين فى بلادنا يتم بصورة طبيعة بل يتم فى الغالب بجراحات فكرية وجسدية أحيانا واستئصالية فى الأحيان الأخرى , وكان لابد من وجود " بيضة قبان" لضمان عدم انحراف الدفعة أما مطرقة الشعب – بكل توجهاته وإن كنت ذكرت التوجه اليساري أو القومى والإسلامى لأنها كانت الحالة المنبثقة مباشرة قبل هذا التحول" – البيضة فى حالتنا كانت بيضة أمريكية أيضا ولكنها ملونة باللون الأخضر- المحمر للأسف- وعلى سياسة محاربة الشيوعية بالدين المطبقة لاحقا فى فيتنام وسابقا فى عدد دول غربية كإيطاليا , أضحت بعدها جماعات الإسلام السياسى فى حلف مع السلطة لضرب التيار "الشيوعي" وما جندت له الوهابية بالسعودية جنودها كما فعلت وتماما فيما بعد مع افغانستان , فى الوقت الذى تركت فيه ساحات كفلسطين للحركات الشيوعية- بسبب أيضا وهو محاولة استعداء القوى الوطنية- وتتطور الأمور لحاقا فيأتى الإنقلاب الأسود فى 1979 ويفيق مسلمو الأمس على مرارة كونهم بيضة قبان!!

 ويوم أن صرخوا ألا , فقشتهم مطرقة الأمريكان مرة ومطرقة الشعب ألف مرة , وانتهى هذا الجيل وإن كانت بقاياه لم تمت , وانتهت معه المشاعر القومية والوطنية- وهذا من نجاحات خطة البيضة الخضراء الأمريكية- ليخلق مناخين متخلفين فيما بعد وهو مناخ متأسلم متخلف يعيش فى الوجة السلفية المتحجرة – من السنة أو الشيعة- لتعود معه نزاعات قديمة متخلفة كالنزاع حول كون الإمام على أحق بالخلافة من أبى بكر أم لا!!! ويتطاير شرر فتنة قديمة أراد دائما حكام الظلم إلهاء الشعب بها عن مظالمهم بل وتحويل الدولة إلى دولة دينية بل مذهبية ثيوقراطية , ولم يعدو الأمر لديهم غير مزيد من البلهاء أو المخدرين كما قال لينين.- والمناخ الآخر مناخ متأمرك يدور فى الفلك الأمريكى , مناخ رأسمالي يتحكم فى كل نواحى الحياة للشعب , ويروج قيمه وأخلاقه التى نعرفها.....ونحب!!.

انتهت- بل لم تنه- هذه المرحلة بسهولة فانقلبت البيضة من اللون الأخضر إلى مرحلة الانسحاق الداخلى مسفرة عن المزيد من اللون الأحمر , الذى باركته أيضا أمريكا حتى وطأ الأحمر ثوبها , فقررت فقش البيضة مرة أخرى , اللهم إن بلادنا تحولت إلى طبق بيض مفقش.

إن أخطر ما تخافه أمريكا والسياسات المتسلطة بل والديموقراطية- لا فرق فى المسميات عندنا فى بلادنا- هو الوعى الإدراكى الممتد فى كافة نواحى الحياة من الوعى السياسي- وهو أخطرهم- إلى الوعى الديني إلى الوعى الإشتراكي المعيشي الاجتماعي , إلى الوعى الوطنى إلى الوعى الذاتى وهذا الأخير هو أصل كل وعى , فلنبدأ ولنسأل أنفسنا هل نحن حقا نعى عن كونا وذاتنا شيئا!


* منشور بتاريخ 16 أبريل 2005

http://www.arabtimes.com/AAAA/april/doc135.html

الإسلام السياسى بين الحقيقة والخيال*


....اليوم...فى آخر عام 2004الميلادى وكذا على مشارف نهاية عام 1425الهجرى....نكون قد عبرنا بأيامنا فى التاريخ على فترات ودول تدول كما قال الشاعر:-

وتلك الأيام كما عهدتها دول.............من سره زمن ساءته أزمان

 

الحقبة الزمنية الحديثة بعد انتهاء عصر الإمبرياليات الكبرى أقصد الدول الاستعمارية الكبرى , تتسم بوجود عدد من الإمبرياليات الصغيرة تتبع إمبريالية واحدة كبيرة جدا وهى الحكومة الأمريكية وليس الشعب ولكن على ما يبدو أن أكثر من نصف الأمريكيين يؤيدون إمبريالية بوش الإبن فى آخر الانتخابات , واليوم تأتى العصا الأمريكية على تيارات الإسلام السياسى وغير السياسى وإن كانت فيما مضى مسلطة-بصورة تختلف من الشد والجذب- على رقبة المشروع الوحدوي العربي الذى استطاعت اسرائيل وأمريكا بأعوان يحسدان عليهم استطاعتا تمزيقه من القاع السلطوى المسيطر على الكراسى.... ولكن ماذا عن العدو الجديد وهو الإسلام السياسى أو غير السياسى؟؟.

نعود للمصطلح قليلا...الإسلام السياسي.....المصطلح مقلوب أى السياسة الإسلامية وهكذا يستقيم المعنى أى أن هذا التيار-على حد المصطلح- يسعى لعودة الحياة السياسية الإسلامية فى الحكم....فهل هو تيار دينى أم تيار حقدى أم ماذا؟؟؟؟

تقر مواثيق العمل الدولى الموضوعة أساسا لحفظ الأمن والسلام العالمى-ظاهريا-والعمل على تنمية البشرية بمعناها الأكبر , تقر بإبعاد الفكر المتطرف الراديكالى عن الحياة فى أى بلد , كان هذا الميثاق وإن كان غير مكتوب , توجها ليبراليا عالميا بعد الحرب العالمية الثانية التى كلفت العالم فيها النازية والفاشية والإمبراطورية اليابانية أكثر من 60 مليون نفس!!!وخراب مربع على كل بقاع العالم تقريبا مازلنا نعانى منه فى مصر من جراء الألغام المزروعة فى الصحراء الغربية إلى اليوم, وحدثت ثغرات فى هذا الميثاق فأفرز الدول العظمى التى اقتسمت العالم فيما بينها بما فى ذلك ما كان يسمى بدول عدم الانحياز , وتطور الأمر ليفرز كيانات راديكالية أقصد تحت حكم راديكالى متطرف كالكيان الصهيونى , ووصول اليمين المتطرف لعديد من المناصب فى الدول الغربية.

وتحول الإسلام-وقبل ذلك بفترة طويلة-على يد العثمانين إلى دين للمجاملات والمذابح , وإن تضمن ذلك من بعض حكام العثمانين دفاعا عن عرض وكرامة الوطن الإسلامى وكان تطبيق بعضهم لمعنى "الإسلام وطن" السامى تطبيقا مشرفا حتى تأتى الثورات العربية المدعوة انجليزيا ومذابح الجيش التركى على يد الشريف علي بدعم الإنجليز بدعوى " التحرر الوطنى!!" ولا قاموا من أجل العدل بل قاموا من أجل الدنيا فكانت النتيجة سقوط الخلافة العثمانية وسقوط الحكم العربى بين يدي الانحلال التركى الحديث والخيانات العربية "المشرفة!!".....وظهرت عدة حركات فى البلاد تسعى لاستئناف الحياة الإسلامية تم احتواء معظمها إما بالفكر وإما بالقتل...وبدأ مصطلح الإسلام السياسى من هذا العهد وإن كان بسبب سقوط القطب الشرقي تحتاج الدولة الاستعمارية الكبرى لوجود عدو تغنى عليه بالحروب والشاهد أن الحرب هى حجة أمريكية وفرضية عدو مهم جدا لتجاوز القوانين وملئ الجيوب بصفقات السلاح وأموال دافع الضرائب الأمريكى أو غيره , ولا يدخل هذا فى نظرية المؤامرة لأن الأخيرة أشرف من ذلك بكثير.

قالوا قديما أن أى فكر به ثغرة , كبرت أو صغرت ولكنها تحتاج إلى تفنن فى التقدير والانتهاز....مثلا الفكر الشيوعي- وهو قريب لنا زمانيا ومعاصر- به ثغرة كبيرة فى وجهة نظرنا نحن المسلمين , ومثل ذلك لدى النصارى أو الدينيين عموما , وهى ثغرة الإلحاد والمادية الجدلية الماركسية وإن كانت غير ملزمة للشيوعى-كفكر سياسى شمولى يدعو إلى الاشتراكية الديموقراطية بصورة الملكية العامة وضرب الإقطاع وتعزيز المكتسبات الأممية للشعوب- ولكن بناء على نظرية ماركس المتعلقة بالترقى الاجتماعى وذوبان الأديان فى بوتقة الإقتصاد والوجود , تبنى قادة الشيوعية الإلحاد وقالوا بقدم العالم وبقاءه بقاء سرمديا أزليا!!!أى أرحام تدفع وأراض تبلع ودمتم موفقين!! ويلعب الرأسماليون على الثغرة للتحفيزضد الشيوعية فى العالم , فرأينا فى إيطاليا كيف تحولت الإنتجابات البرلمانية من يد اليسار بعد خطبة الأحد فى الفاتيكان والتى حشدت الناس-الكاثوليك الطليان- ضد الفكر الشيوعى عن طريق اللعب على الثغرة!!ورأينا كيف حشدت أمريكا الدول العربية وخصوصا فى الخليج الذى لطالما عانى من البائعين المأجورين كيف حشدت أمريكا التأييد وتمكنت من استعمار العرب الشرقيين-أى الخليجيين- ومعاداة الإتحاد السيوفييتى بل وقطع العلاقات معه بحجة أنهم " ملحدين " وأيدهم "ملطخة بدماء (إخواننا) المسلمين" وكأن أمريكا هى حامى الديار المسلمة المجاهدة التى ترفع لواء لا حكم إلا لله ومستعدة للموت من أجله والجهاد وكأن الكيان الصهيونى لم يتسلح من الإبرة للنووى من أمريكا والغرب وكأن الفيتو الأمريكى لم يستخدم عشرات المرات من أجل عاهرة الشرق"إسرائيل".....وكأن العرب والمسلمين لم يكتووا بنيران أمريكا ألف مرة ومازالوا.

أما وقد استخدم الفكر الدينى عموما كأداة معاداة ضد الشيوعية, والتى سقطت ووجدت الكيانات الأمريكية أن الخطر القادم هو الإسلام السياسى فبدأت الضرب فى العمق بعد انتهاء المهمة-تماما كما فعل أنورالسادات مع الحركة الإسلامية فى مصر استخدمها لضرب الشيوعين فى الجامعات والمراكز ولما انتهت المهمة أرسل بالإسلاميين إلى غياهب المعتقلات- وبدأت التيارات الإسلامية المعاصرة بالدوران على عدة مبادئ عقائدية وأخرى حركية تدور كلها فى فلك الحكم الإسلامي وهو ما اجتمعوا عليه.

اجتماعهم على ذلك كان للأسف فى المسمى واختلفوا إلى عشرات الفرق والجماعات وأصبحت تدور فى فلك القضاة لا فلك التكليف, وكأن الجنة والنار ملك لإحدى الفرق عن الأخرى وهى لهما القسيم , ووقعنا هنا فى مشاكل لا بد من إعادة النظر فى أسسها وهى كالتالى:-

1-   تفرع المنهجية عن الأصول المختلف عليها أصلا والاشتغال بالتبديع والتكفير والتفسيق.

2-   التذرع والتمترس خلف الشخصيات إما قديمة كابن تيمية وغيره وإما حديثة كالنبهانى وحسن البنا.

3-  اختلال منظومة الفكر فى قبول الأخبار والحكم على الحوادث فنجد منهجيات تعتبر كل ما ورد فى التراث مقدسا " منهج سلفى أورثوذوكسى" وآخر يرى بحاضرية الوجود فى ذوات ترفع لدرجة العصمة والقداسة " منهج كاثوليكى".

4-  دغمائية التفكير " التفكير بصورة المسلمات الفكرية والعقائدية التى لا تخضع للنقاش ولا التحليل" بين أعضاء هذه الفرق المشتغلة ب"الإسلام" السياسى

5-  انتهازية البعض للأحداث من التعاون مع ألف المعادى لباء دون معرفة موقف ألف منا ولا باء منا ولكن لمجرد الهوى والانتهازية , وتكون النتيجة بعد انتهاء المهمة الألقاء بكل التيار فى سلة المهملات الآدمية"المعتقل والقتل".

6-  عدم وضوح المنهجية فى التعامل مع الآخر واستئصال الفكر المخالف بحجة مخالفة "أهل السنة والجماعة" أو " جماعة المسلمين" أو " المراجع" أو أو أو....

7-   انفصال الحركات عن واقع المسلمين إما بالمنهج وإما بالصورة وإما بالشرائع.

8-  اللجوء للعنف بصور مختلفة إما العنف المادى وإما المعنوى والفكرى لمحاولة فرض المنهج والطريقة بأى نتيجة.

بكل ما سبق يصبح الإسلام السياسى بدون أى معنى وعليه يترتب وجوب مايلى:-

1-  إعادة صياغة المنهجية النقدية المبنية على العقل كأصل للنظر والقرءان كأصل للشرع والسنة كأصل للبيان والإجماع كحجة وحجج الله لا تتناقض ولا تتنافر, وتقتضى إعادة منهجية التثبت من السنة سندا وتفسيرا متنا.

2-   تحرير العقل من مفاهيم العصمة الزائفة والمنهج المعصوم لغير النبى"ص".

3-   التحرر من قوقعة المذهبية

4-   وضوح الهوية والرؤية وترك النفاق السياسى والفكرى

5-   التواجد الواقى للفكر بين أصاحبه-المسلمين-.

6-  وجود روح إعادة نهضة المسلمين لا إعادة الحكم الإسلامى كحكم , على الطريقة الحجاجية مثلا!!أوعلى طريقة قتل المرتد!!!أو قتل المخالف!!.

7-   اعادة التكليف كأساس لحمل المسؤلية الفردية والجماعية.

انتهى.....م/مصطفى أحمد

*منشور بتاريخ28/12/2004

 

انفصام المتخيل والواقع


..... كل شئ عنده بمقدار... الكون يؤدى وظائفه على سنة ربانية , تختلف عن بعضها ولكنها كلها محكومة بالاتزان الذى يتخذ صورا رياضية ونفسية ومادية فى كل مجال وطريق. فالاتزان الرياضى كاتزان القوى المؤثرة على جسم إذا اختل يتحرك الجسم ليحقق الاتزان مرة اخرى , ويكون فى حالة اختلال الاتزان الاول ايضا متزنا بفعل أداء الحركة , بل وحتى العبثية , تكون متزنة , فالانفجار العبثى الذى ينتشر فى كل مكان " والذى نتج من عدم تحمل جدار حديدى يحتوى على مادة قابلة للانفجار لفعل التفجير فاختل فانفجر" هذا العبث المنتشر أيضا كل ذرة منطلقة منه تتحرك وفق قوى متضادة محصلتها تؤدى للحركة فى اتجاهها ... دون الخوض فى تعقيدات ديناميكية وفيزياقية نخلص إلى ان الاتزان سمة السكون والحركة فى الكون , والسكون حالة خاصة من الحركة , والكلام عن الحركة كلام عن الكون الحادث , والحدوث سمة الكون المتغيردائما فهو ليس قديم.

الحركة ايضا تكون فعلا بشريا محمودا , إلى الامام وهو يسمى بالتطور والتقدم , وسمة الفعل البشرى هى الفكرة , والفكر ما يفرق بين حركة عابثة لحيوان او طفل او هواء عابث بلا هدف – وإن كان متزنا بمنظومة الاتزان الكلية التى اوجدها الله تعالى فى الكون المنظور- وبين فعل بهدف ومقدمات وتفكير متطور.

الإنسان يؤدى وظائفه ضمن كل هذا الكون المتزن , لديه معطيات , تتفاعل ومحصلتها يتحرك فى اتجاهها , فحين يكون فكره متفق مع واقعه , يتحرك إلى الأمام فى دنياه لانطباق الفكرعلى الواقع واجتماعهما معا , وإن كان هناك انفصام كبير بينهما , بأن يجذبه الفكر إلى الخلف إو أى اتجاه آخر غير الأمام الذى تسير فيه الدنيا عادة , انحرفت محصلته وانحرفت وظيفته , وهذا حال بلادنا منذ اكثر من 14 عقد من الزمان , اتكلم عن الأمة والبلد كجماعة لا كفرد او اثنين استطاعوا النجاح على المستويات الفردية.

...هذا الانفصام حدث فى عالمنا بسبب اختلال فهم موضع كل شئ فى حياتنا فحملنا الدين مالم يضعه الله تعالى من أجله , فحملناه مالايحتمل وظلمناه وادعينا أنه يرفع عن الانسان واجب التفكير فى شأنه , من ان يتقيد او يقيد الناس بصورة محددة من العلاقات الاجتماعية والفكرية , التى موسومها الحرية , والتى أكد عليها القرءان الكريم بسعة كبيرة , بفهم المقاصد , التى حين بدأ غزو البلاد المحيطة بالحجاز بعد انتقال النبى صلوات الله عليه , بدأت هذه المقاصد تتحول إلى مفاسد على يد الذين تسلطوا على العباد فأفسدوا الدين والحياة , وظللنا نعانى منها حتى يومنا هذا.

لقد وسع الله الكون برحمته , وكان تعالى أقدر من أن يضع رسالته فيقيدها بزمن او عادة , فتضيع بمرور الزمن.

إن كلامنا صرخة فى واد مادمنا ندور فى فلك قديم , ندعى زورا وبهتانا , وربما بحسن نية من الجهل , أنه من عند الله , وما هو من عند الله.

.... حتى هذا السطر فالمقال السابق تقريرى بسيط أو ربما مركب , إلا أنه لا يجاوز الحبر المكتوب به , مالم يفعل فى عقولنا وقلوبنا , فنحمل مشاعل النور التى رغم عديد المصائب والنكبات لن تنطفئ , ستبقى سنبلة , وستبقى مشعل إلى الإمام..مادمنا نتسلح بالإرادة الحرة , لبلد حر , وعيش كريم.

 

منتصف الطرق

…..ها أنا أقف فى منتصف الطرق , بعدما خضت وخاض معى الخائضون , عديد طرق ومسالك , كلها تدور فى أفلاك الأخرين , وتستشرف الميتافيزيقيا والغيبيات بعدما عجز العقل المعاصر عن إدراك الواقع والنهوض منه , فلم يعد من الطرق إلا القليل , واعجب كل سالك بطريقه وأضحت له المثلى , وإن كان أكثرهم بل سوادهم الأعظم إنما أعاد رسم رسما رسمه أحدهم من قبل , إما أهله وإما غيرهم , إما انصارهم وإما أعداء أمته , وليس بينهم من أدرك حقيقة يوما أن الإنسان هو أثمن ما فى الأرض , والكل مسخر من أجله , فأضحت فلسفته فى الحياة إما متزمته طاحنه , بشتى صورها , وإما مادية طاحنة , وإما عبثية طاحنة , أو بين بين.
قرر بعضهم الثورة على الموروث فوقعوا فى النكسة , وقرر الأخر تغيير المجتمع فقتلوا الأبرياء , وقرر الآخر المشي بجوار الحائط واستخدام تعبير " مصلحتك " , وهذا الأخير هو صورة تعايش المجتمع البسيطة أو العفوية لنقل , مع القوى الخارجية , فالنظام الاقتصادى الرأسمالى بصفته المظهر القائم فى المجتمعات العالمية , يجبر افراده- أى افراد المجتمع- على تمجيد المصلحة الفردية المتمثلة فى صاحب رأسالمال , وليس الحال أحسن من ذلك فى منظور القطاع العام الذى هو بصورة اخرى رأسمالية الدولة البيروقراطية , أى الدكتاتورية , فصار الغالب على فكر " المعتدلين " من الشباب هو الحصول على عمل مناسب كى يتزوج الشاب وينجب!! وكل من يخالف هذه النظرية تقريبا – خصوصا الجزء الاخير من الفكرة وهى الزواج – يعد منبوذا من المجتمع " المعتدل " , فمع " اعتدالهم " المزعوم يفقدون ال"بين بين" الذى ارتسموا به , حينما يأتى الحديث معهم عن مصالحهم أو " أكل عيشهم ".
سألت نفسى وغيرى , ماذا بعد الزواج والانجاب ؟؟ , طبعا غرض الزواج الطام لدى الشباب بكل صوره وبدون استثناء المتدين منهم ظاهريا , هو الممارسة الجسدية الميكانيكية , فالأمر لا يعدو لديهم سوى إيجاد " هدف " اى انثى مناسبة القوام والشكل , ويضمون إليها الدين والأخلاق وووو – كصورة من الاعتدال المزعوم , ثم عودة إلى السؤال ماذا بعد؟؟. لم أجد إجابة سوى إعادة رسم الصورة الأسرية لأبى وأمى وجدى وجدتى وووو , فماذا كان من حياتهم سوى إيجاد الذرية , والسعى ليل نهار لإطعامهم , وووو , فهل قدر- أى مخطط- الإنسان أن يعيش هكذا ؟؟.
سألت نفسى أين الانسان فى عالم تطحنه المصالح , إما فردية وإما جماعية , وللاسف لا يوجد من أصحاب المصالح الجماعية من يمثل الانسان , فهى كلها مصالح تتمثل إما فى الإستعمار والإمبريالية والسيطرة على ثروات الإمم , وإما نسخية , أى تسعى إلى تكثيير عددها , وأتباعها , وعادة تلك الاخيرة دينية , أو ذات أغراض سياسية أو ايدولوجية بذاتها.
هاأنا فى منتصف الطرق , أسأل- متابكيا- أين الإنسان الذى خلقه الله تعالى , بحكمة وقدرة وسنة , بحكمة التكليف والعدل , وبقدرة المطلق المنزه عن النواقص , وبسنة الإحسان والثواب , فليتنى أعرف ما قد يجعلنى أسلك طريقا من كل هذه الطرق , التى تبدو للوهلة الأولى متشابهة, ولكنها لا تحقق غرض الإنسان الذى يسمو على المادة , ويصفو إلى الحقيقة , الحقيقة أن كل الدنيا إلى زوال , فليس ما يوصلون و يقطعون به اليوم بموصول لهم غدا , وليس من يقلدون يبقى لهم , وليس بمتعتهم الزائلة يشفعون من عدل الحق يوم لاينفع مال ولا بنون.
فالحوم حول حقائق الانسان الكبرى فى وجوده وكيانه ومصيره تستشرف فى النفوس المشرقية هوى لا جدال عليه ولا تثريب , فالمشرق مهد النبوات المختومة بنبوة نبى الهدى محمد صلوات الله عليه , بيد أن التطاحن الذى نشأ فى هذا المجتمع بصورة مزرية , تاريخيا نشطت فى مراحل الاضمحلال , من أول الفتنة الكبرى , مرورا بمهازل الملك العضوض والعسكر, ثم التشرذم المذهبى , والقتل على الهوية , بل وعلى الرأى الخلافى , واستحداث احكام وحدود تتمسح بالدين , لا وجود لها فى الدين على الحقيقة , من أجل الاغراض السياسية , التى كانت- كعادة الملك العضوض- فردية , تتمثل فى مزاج الحاكم وهواه , ويدفع الناس – أطلق عليهم الشعب فيما بعد- دائما ثمن ذلك , الغريب أن العدو اليوم يستعيد نفس التاريخ وفتك التشرذم بالأمة , ليوغل فى العقول والقلوب تطاول الزمن على الإخوة بحجة أحقية على بالخلافة , أو كون القرءان مخلوقا أو خالقا !! , تاركا هذى العقول بعيدة كل البعد عن الدنيا , التى يبدو لبعض المصابين بداء عبادة التاريخ والرجال , أن الدنيا تطورت خطأ , وكان تطورها بدعة وضلالة , وكان الأولى ألا يسمح المسلمون بدخول التطور على حياتهم , فيبقوا على ديدن القرون الأولى.
إن فهم المشكلة وتحديدها نصف الحل , والمشكلة واضحة جليه , ولكن التعامل معها لا يكون بالنفى أو الاثبات , أو السجال , أو الحنق , أو تكثير الأعداد , أو إنفاق الملايين على طباعة الكتب الدينية – المذهبية- السجالية بشتى اللغات بدلا من إطعام الفقراء , أو علاج المرضى , كذلك لا يكون علاج المشكلة بالعنف , أو إعفاء الدين من الحياة العامة للناس , أو محاربة الفكر بالحديد والنار , فالفكرة لا يرد عليه إلا بالفكرة , ولو كانت كفرا بواحا , فالقمع يولد العنف المضاد , وتزداد المشكلة عمقا والجرح عفنا وألما.
وليس حل المشكلة ان نجتمع ونرقع مااتفق عليه المختلفون الذين اختلفوا فى كل شئ حتى فى تحديد مواعيد صيامهم وافطارهم, وليس الحل فى ان نقول : " نتفق على مااتفقوا عليه , ويعذر بعضنا لأخر فيما اختلفنا فيه " فليست هذه البرجماتية أو الدبلوماسية الحديثة تحل مشاكل عمرها بعمر الهجرة إلا أربعين عاما , وحتى اليوم.
إن الحل ببساطة فى إعادة بناء العقل المدرك , وإعادة مبادئ التفكير والحكم على الرواية , التى تسمع أكثر من القرءان , بل والتى تفرض على القرءان تفسيرا لا يقبل النقاش , في حين كون القرءان كنص صامت حمال أوجه , وحمله على وجه رواية ضارب باللسان العربى والعقل المدرك عرض الحائط عين الضلال , الذى مابرح إلا يزكى صراعات الفرق والشيع كل حزب بما لديهم فرحون.
إن سمات العقل المدرك هى سمات العقل الذى خاطبه القرءان والرسول صلوات الله عليه فى الفترة التكوينية للرسالة أى فى الفترة المكية , فركزت على الأساس العلمى – الجدلى – للدعوة وهى إثبات توحيد الله وعدله , بدون فصل بين التوحيد والعدل الملازمين لبعضهما البعض , وقد جسد القرءان هذه النقطة فى قوله تعالى " قل هو الله أحد , الله الصمد , لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفوا أحد " فالتوحيد حقيقة الوجود و العدل أساس الملك والصمدية.
أيضا المنطق الجدلى المادى المبنى على الديالكتيك الماركسى , يقر بصورة من الصور إن الدنيا إلى زوال وأن العالم منتهى لأن موارده محدودة وتنفذ ولا تتجدد , وبخلاف منطقه فى النشوء والارتقاء... .يبدو هذا " الديالكتيك المادى " صورة أخرى من صور المقدامات العقلية التي يتفق عليها بني البشر.
البحث لا بد أن يدور حول المشاكل التى ظهرت فى التاريخ لا لحلها أو لعن الفريق الأول أو الثانى , بل لتجنب الملابسات التى أدت لهذا التطاحن الذى ندفع ثمنه حتى اليوم , فالتاريخ لا يكرر نفسه كما يزعم اصحاب المأساة الميثولوجية , بل كما قال ماركس ,إن كانت الإولى فهى ماساة وإن كانت الثانية – إى تكرار الاخطاء- فهى مهزلة.
هكذا- ويجب أن ينتهى دور التاريخ على هذا – فليس هو مصدر للتشريع أو مصدر للحكم بالقتل نتيجة تأييد المعسكر أ أو المعسكر ب.
قد لا يأتى هذا المقال فى صورة أكاديمية , أو فى صورته الانسانية المجردة من الدين على قول أصحاب المذاهب الإنسانية المعاصرة , فمعذرة لهم إذ لم أكتب تلك الخواطر لتصطف فى صف المقالات الدينية – الليبرالية الحديثة- المرضى عنها أمريكيا , التى يطبل لها كل ناعق.

اللهم أعنى على اتباع أحسن القول , وأجعلنى ممن تسمو أرواحهم لتشهد بعظمة الملكوت , وأحفظنى يارب من الظلم وأهله…. آمين.

الندم... إنسان فى البشر


... تتواتر على مسامعنا كل يوم قصص التائبين , من أفعالهم التى اقترفوا , يعودون إلى ربهم , ودافعهم الأكبر هو انهم ملوا الخطأ وادركوا ان ما يفعلون خطأ فى المطلق , ليس هذا مقصور على المسلمين , بل على غيرهم أيضا , فسنة الله فى البشر , ان تراقبهم نفسوهم , فهذه البصيرة التى على النفس , مقتضاها عقل البشرى نفسه , وهو حجته تعالى عليهم , ومناط تكليفهم , والعجيب من البعض انهم يصلون لدرجة كبيرة من الضياع دونما يشعورون بذلك , بل قد يكونوا سببا فى إفساد الاخرين , وصدهم عن سبيل الله , ولكن تأتى توبتهم , كمحاولة لتصحيح المسار , فقد تفوتهم الاوقات , وتاخدهم السنون , وتتغافل عنهم الأقدار والأزمان , حتى يضيع العمر بين جنبات الضياع , وبين ذاك وذاك , بين معجب ومزين , ومتسمع لزخرف القول غرورا , وبين ناقم على المخطئ لظنه الخطأ فى نفسه لذاته , تتفاعل العقول ,لتدرك اين هى ...إن أدركت.

تعجبت كثيرا من انباء تناقلت عن توبة أحدى الممثلات الاستعراضيات الأمريكيات , لم اصدق الخبر , فقد كانت على قدر من الشهرة يحيط زخرفها بحياتها على حداثة سنها , وجمال شكلها وجسمها , دخلت على موقعها لأجدها بدلا من تضع صورها العارية فى كل مكان , تضع رسالة خطتها لكل معجبيها , وكل من افتتنوا بها , رسالة التائب , تقول فيها أنها وجدت الله فى حياتها بعد ان شعرت بكل الضياع , وانها صارت الان مسيحية متدينة , تحيا  من أجل محبة الرب فى حياتها , ففى معتقدها ان الخلاص اليسوعى خلص البشر من كامل خطاياهم , ومن أجل هذا فالله يستحق منها أن تعيش لمرضاته , ومن عجيب كلامها أن تقول أنه لا احد سيستمتع بالنظر إليها غير زوجها كما أمر الله , بعدما كانت حديث الملايين , وصورها تزين مجلات العالم , فهى تسوى الكثير فى عالم يباع فيه البشر بالقنطار.

ذيلت رسالتها بأنها ستعيد لكل من اشترك فى موقعها نقوده , لأنها توقفت عن عرض صورها , وتختم بأنها خادمة المسيح..... عليه السلام.

..... هى أدركت أن الانسان الذى فيها , وفى كل من يقرأ هذه الكلمات , فضلا عن كاتبها , لا يمكن ان يظل عبدا للمادة , او عبدا للجسد الفانى , فضلا عن ان يكون يباع ويشترى فى سوق النخاسة , فى حالة الخواء الروحى تلك , تفر الانفس إلى الدين , بصورته الشاملة , ليس بكونه حقا من باطل , ولكن بكونه – عموما – يدعو لصفاء النفس ومراقبتها , فهى هى اولى خطواتها تبدأ من إدراكها أن للخلق رب خلقهم , وعليهم ان يعبدوه , وإن اختلفنا معها فى المسميات والعقائد والشرائع.

هذا غير واحد على مر الزمن , أدرك فى لحظة الخطيئة انه لم يخلق هكذا , ولن يترك سدى , فالتجربة الف مرة , لن تؤدى إلا إلى نفس النتيجة , النتيجة إلى ان الدنيا ستمحق الخطأ يوما ما , وستهدم بيت العنكبوت حين تدوسه أحداث الزمن , وتدوسه خواطر النفس , وتدوسه ضربات الضمير , فلن يبقى فى الدنيا صنم الجسد , أو طاغوت القوة , بل ستبقى فى النهاية حكمة خالدة , وإرادة قادرلا تعتريه النقائص.

لا أملك إلا ان اقول , ربنا اغفرلنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان , ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا.. هذه الكلمات كل مااملك لوصف حال التائب , الذي يجب أن نتأسى بتوبته ولا نضيع العمر فى مااضاع العصاة أعمارهم فيه. 

إعادة الوعى*

الوعى...الحرية...النهضة....الأمة....الهوية....كلها كلمات ذات معان يقينية لا نعرفها أو غيبنا عنها تغيبا متعمدا غير عفوى , بل وغيب الشعب تماما عنها فى فترة الإضمحلال الأخير للأنظمة قبل إعلان السجود الأخير- لأنه بدون نية للرفع منه – للقطب السالب الذى سلب الناس حريتها باسم طغيان حرية رأسالمال تلك التى أسموها نهضة عالمية أو عولمة!!.
لا يمكن فصل الأوضاع القائمة فى بلادنا بالأطماع البشرية فى العالم التى تتمثل فى التاريخ بدول متصارعة تسعى للسيطرة على موارد كثيرة من أجل تحقيق الربح الأكبر لا يهمها فى ذلك ان تسرق تقتل تدمرالمهم أن تبقى هى إلها على الأرض., ولابد من وجود غطاء أيدولوجى فكرى لأنه ضرورة إنسانية فلا يتصور سعى إنسان إلى كل هذا الملكوت بدون فكر , فالإمبريالية فكر , تماما كاللص , فالحرامى صاحب فكر , فكره أن يسرق بخفة وذكاء ليعيش غنيا – للاسف السرقة بدأت فى المجتمعات كضرورة للعيش ولكنها فى بلادنا أصبحت الأصل فى المعاملات!! – الإمبريالية فكر محتواه سرقة العالم , حتى سرقة اللصوص الذين يشاركونه نفس الفكر , هو شديد الأنانية نعم إلا أنه يحتوى على خطة للنهضة , ويمتشق الحرية " طبعا دون التى تضر بأهدافه المعلنة وغير المعلنة " ومبناه الوعى لأفراده بمحتوياته التى مهما تظاهروا بإجرامها إلا أنهم إما موافقون عليها ضمنا وإما مجبرون على ذلك حيث تطحنهم الرأسمالية المتوحشة فلا ترحم منهم أحدا!!. وأتباعه هم أمته , وهو هويتهم أين ذهبوا وحلوا , وإن تظاهروا بغيرها.
اللص إذن ذو قضية , وهى أن يسرق , إلا أننا- المسروق - لا نحمل قضية , ولا حتى قضية أن ننسرق , أو إدراك أننا نسرق !!!... المشكلة القائمة حاليا هى مشكلة جهل مركب , وهى تصور الشئ خلاف حقيقته , وهى أشد من الجهل البسيط لأن الأخير هو عدم معرفة الشئ , أما المركب , فيحتاج إلى إزالة التصور المخالف للحقيقة قبل معرفتها , وهنا بداية الإشكالية.
إن علينا ان نسعى فى إعادة الوعى لهذا الكائن الجمعى – الشعب – والذى لابد ان يتمتع بالحرية أولا ليبنى وعيا كافيا للحياة والنهضة , وتتبلور بعدها أمامه مفهوم الأمة لنصبح بعدها ذوا هوية يشار إليها ب "هو" المصرى العربى الحر.
كيف نعيد الوعى؟ لنسأل أولا كيف نعيد الحرية , او كيف نعيد الشعب لذاته , الإجابة هى سؤال آخر , كيف نعيد تفعيل العقل العربى لينظر ويفكر , بحرية ؟؟.
إثارة العقل بالأسئلة وترك النوم على سرير المسلمات من أهم طرق إعادة تفعيل العقل , الأمر ليس صعبا ولكن المشكلة الأكبر , هل بعد إثارة هذا الحصان الكامن , هل سيتخلى عن ثوابته التى تربى عليها , وقاتل وعادى الشرق والغرب من أجلها ,و فجر نفسه وغيره فى سبيلها , أم هل سيتبنى الأنظومة الغربية او غيرها ليدور فى فلكها , أم هل سيأتى بجديد يعيد للبشرية رونقها , ويعيد للأرض نورالعدل الذى به الله خلقها, ام سيقدّر لنفسه هلاكها بسنة إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمهتدون؟؟؟.
أعتقد أننا قادرون على الاتيان بالجديد العادل الذى يؤمن له اهل الأرض المسروقة المحروقة , حينها فقط ستقوم قائمة المارد الذى خدرته وفجرته اصابع التخلف والهمجية. 

*نشر هذا المقال بتاريخ 2 نوفمبر 2005 ,