الاثنين، 29 يونيو 2009

تدور الأيام ...... ونبقى


.... فى خضم الحياة , تأخذنا التفاصيل التافهة فى متاهة دائرة لا ندرى أولها من آخرها , قد تصبح وتمسى أوقات اليوم علامات لنشاطات متكررة فى اوقات متشابة بدون مخالفة فى الاصل وان اختلفت التفاصيل بتغير اليوم وتقويم الشهر , ولكنها تبقى كلها علامات لتقدم الزمن... وبقاء الفاعلين.

ترى بين هذه الايام , هل تنقص اعمارنا أم تزداد ؟ أن أصحاب فلسفة الكتابة مفلسون جدا , فإنهم يستبدلون ايامهم المتجددة بندامة الغد المسبق, فيكونوا اكثر عجلة من المؤمنين المتوكلين , ويكونوا اكثر جبنا حين يتقاعسون عن واجبهم بإدعائهم ان اعمارهم ستفنى كما هو مكتوب ... ياترى ماذا هو فعلهم تجاه هذه التروس الدائرة , وكيف ينظرون للشمس التى تطلع كل يوم من المشرق ؟ , إلا ان يقولوا انهم وجودوا فى هذه المسرحية المسبقة الإخراج كدمى لا تصلح لشئ إلا ان تدور , وكأن الدنيا كلها مسرحية , ليس فيها سوى سخف فى الإخراج و رعونة فى التمثيل.

قد تكون الكلمات عاليه مستفزة للبعض , ولكنه ربما يدل فيهم على حراك من شئ ما , او نوع ما , فهو مازال يفهم ما اقول , ويتفاعل معه , وحين نسأله هل كان تفاعلك لفعل حاصل فى الزمن مسبق الإعداد قبل ان يقع الفعل نفسه؟ سنجده يجيب بأنه كذلك فنعود من حيث بدأنا على محور الترس سيظل يدور طوال اليوم ويبقى هوا مكانه...وكأنه لا يدور.


إذا كانت فاعلية البشر من خلال مجتمعاتهم تقاس بمدى تحقيقهم لمعانى المدنية والإجتماع الحديث , بصوره الفكرية والاقتصادية والصحية والثقافية , وهو نتيجة لاشك فيها للاخذ باسباب كل هذا , فأن التخلف فى كل هذا ايضا نتيجة لترك هذه الاسباب , تماما عكس الاول , ولكن مازل النائمون على سرير المسلمات والمتواكلون على كلمات زائفة مخدرة , عن امجاد تأتيهم من الخوارق والاشجار والأحجار , مازالوا يعيشون فى مراحل مظلمة من حياتهم , وإن طلعت عليها الشمس الف مرة , فسيبقى من بعينه رمد عاجز عن رؤيتها.

يقول تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " وقد يقول قائل ان النيازك والبراكين والزلازل صورة من صور الفساد فى الكون , ولكن تبقى هذه المظاهر انما خضعت فى حال عشوائيتها المنظورة إلى نفس القانون الذى بها نتجت , فقانون الحركة يحكم حركتها , وقانون بقاء الطاقة يحكم طاقتها , وقانون السببية يبقى هو قانون السنة الربانية فى الكون , الذى احكم الله به خلقه , وهو إذنه الذى اشاعه فى الكون , وهو هو الذى يقود المنتصر إلى النصر , والمهزوم إلى الهزيمة , ولا يخرقه إلا خارق , لا يصح فى غير مكانه , ولا يمكن ان يكون هذا الخارق لهذا او ذاك , إلا ان يشاء الله , وإذا كانت هذه المشيئة الخارقة فى المعجز غالبة , فتبقى عقول القوم تنتظر شيئين مضحكين , الاول ان يصبحوا انبياء ورسل والثانى ان تنخرق لهم النواميس الكونية..... ولكن يبقى ان انتظارهم فى حد ذاته خرق لهذه النواميس التى تقر بأن الانسان يتعمل من تجاربه ومن تجارب غيره...إلا أنهم لم يفعلوا بعد.

ماتزال المعركة حامية ولاهوادة فيها.....حين قال منصور حكمت ان معركة التحرر هي معركة الانسان الاولى لا هوادة فيها , وهى معركة ضد الله ...!! إن الذى دفع منصور وهو فى مكانه لأن يقول هذا الكلام هو ما جعله الناس عادة وحديثا عن الله تعالى , حين نسبوا إليه كل الفساد الذى يفعلونه بأنه إرادته وفعله , والطغيان والمظالم على أنها مشيئته , بل وجعلوا الامر ايضا تحصيل حاصل فى مسرحية هزلية طاغوتية , يعطلون فيها الحقيقة والعدل , وقيمة الانسان والعقل , بدعواهم الجائرة , وافكارهم الفاجرة , يريدون ليطفئوا نور الله , ويأبى إلا ان يتم نوره....هذه معركتك يامنصور قد هلكت فيها ومت , ولكنك لم تعرف من الله تعالى إلا ما ارداه هؤلاء المغفلون , ونسيت ان تربط بين السبب والمسبب , أو ان تبحث فى الكون عن خالق عظيم , لا ان تغرق فى كتب القوم , بحلوها ومرها.... وستبقى المعركة ليست ضد الله , فستكون هزيمة ماحقة لا شك , ولكنها معركة ضد العدميين , الذين هم اعداء البشر , وأعداء انفسهم.

لله در الآمرين بالقسط بين الناس , المتوكلين بحق عاملين به , يؤمنون بالله , ويعرفون أنفسهم بشرا , فلا يعرف ربه.....من لا يعرف نفسه.