أضحت بلادنا منذ تحول الدفعة نحو الغرب بين مطرقتين , مطرقة القوميين وتشمل الناصريين والشيوعيين وعددا كبيرا من القيادات العمالية والفلاحين وينضم إليسها بعض قيادات الاسلام السياسى المتمتعة بالوعى , والمطرقة الثانية مطرقة الأمريكان والصهاينة .
ولم يكن , كالمعتاد , توافق رغبات الحكام والمحكومين فى بلادنا يتم بصورة طبيعة بل يتم فى الغالب بجراحات فكرية وجسدية أحيانا واستئصالية فى الأحيان الأخرى , وكان لابد من وجود " بيضة قبان" لضمان عدم انحراف الدفعة أما مطرقة الشعب – بكل توجهاته وإن كنت ذكرت التوجه اليساري أو القومى والإسلامى لأنها كانت الحالة المنبثقة مباشرة قبل هذا التحول" – البيضة فى حالتنا كانت بيضة أمريكية أيضا ولكنها ملونة باللون الأخضر- المحمر للأسف- وعلى سياسة محاربة الشيوعية بالدين المطبقة لاحقا فى فيتنام وسابقا فى عدد دول غربية كإيطاليا , أضحت بعدها جماعات الإسلام السياسى فى حلف مع السلطة لضرب التيار "الشيوعي" وما جندت له الوهابية بالسعودية جنودها كما فعلت وتماما فيما بعد مع افغانستان , فى الوقت الذى تركت فيه ساحات كفلسطين للحركات الشيوعية- بسبب أيضا وهو محاولة استعداء القوى الوطنية- وتتطور الأمور لحاقا فيأتى الإنقلاب الأسود فى 1979 ويفيق مسلمو الأمس على مرارة كونهم بيضة قبان!!
ويوم أن صرخوا ألا , فقشتهم مطرقة الأمريكان مرة ومطرقة الشعب ألف مرة , وانتهى هذا الجيل وإن كانت بقاياه لم تمت , وانتهت معه المشاعر القومية والوطنية- وهذا من نجاحات خطة البيضة الخضراء الأمريكية- ليخلق مناخين متخلفين فيما بعد وهو مناخ متأسلم متخلف يعيش فى الوجة السلفية المتحجرة – من السنة أو الشيعة- لتعود معه نزاعات قديمة متخلفة كالنزاع حول كون الإمام على أحق بالخلافة من أبى بكر أم لا!!! ويتطاير شرر فتنة قديمة أراد دائما حكام الظلم إلهاء الشعب بها عن مظالمهم بل وتحويل الدولة إلى دولة دينية بل مذهبية ثيوقراطية , ولم يعدو الأمر لديهم غير مزيد من البلهاء أو المخدرين كما قال لينين.- والمناخ الآخر مناخ متأمرك يدور فى الفلك الأمريكى , مناخ رأسمالي يتحكم فى كل نواحى الحياة للشعب , ويروج قيمه وأخلاقه التى نعرفها.....ونحب!!.
انتهت- بل لم تنه- هذه المرحلة بسهولة فانقلبت البيضة من اللون الأخضر إلى مرحلة الانسحاق الداخلى مسفرة عن المزيد من اللون الأحمر , الذى باركته أيضا أمريكا حتى وطأ الأحمر ثوبها , فقررت فقش البيضة مرة أخرى , اللهم إن بلادنا تحولت إلى طبق بيض مفقش.
إن أخطر ما تخافه أمريكا والسياسات المتسلطة بل والديموقراطية- لا فرق فى المسميات عندنا فى بلادنا- هو الوعى الإدراكى الممتد فى كافة نواحى الحياة من الوعى السياسي- وهو أخطرهم- إلى الوعى الديني إلى الوعى الإشتراكي المعيشي الاجتماعي , إلى الوعى الوطنى إلى الوعى الذاتى وهذا الأخير هو أصل كل وعى , فلنبدأ ولنسأل أنفسنا هل نحن حقا نعى عن كونا وذاتنا شيئا!
* منشور بتاريخ 16 أبريل 2005
http://www.arabtimes.com/AAAA/april/doc135.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق