الاثنين، 22 ديسمبر 2008

الإسلام السياسى بين الحقيقة والخيال*


....اليوم...فى آخر عام 2004الميلادى وكذا على مشارف نهاية عام 1425الهجرى....نكون قد عبرنا بأيامنا فى التاريخ على فترات ودول تدول كما قال الشاعر:-

وتلك الأيام كما عهدتها دول.............من سره زمن ساءته أزمان

 

الحقبة الزمنية الحديثة بعد انتهاء عصر الإمبرياليات الكبرى أقصد الدول الاستعمارية الكبرى , تتسم بوجود عدد من الإمبرياليات الصغيرة تتبع إمبريالية واحدة كبيرة جدا وهى الحكومة الأمريكية وليس الشعب ولكن على ما يبدو أن أكثر من نصف الأمريكيين يؤيدون إمبريالية بوش الإبن فى آخر الانتخابات , واليوم تأتى العصا الأمريكية على تيارات الإسلام السياسى وغير السياسى وإن كانت فيما مضى مسلطة-بصورة تختلف من الشد والجذب- على رقبة المشروع الوحدوي العربي الذى استطاعت اسرائيل وأمريكا بأعوان يحسدان عليهم استطاعتا تمزيقه من القاع السلطوى المسيطر على الكراسى.... ولكن ماذا عن العدو الجديد وهو الإسلام السياسى أو غير السياسى؟؟.

نعود للمصطلح قليلا...الإسلام السياسي.....المصطلح مقلوب أى السياسة الإسلامية وهكذا يستقيم المعنى أى أن هذا التيار-على حد المصطلح- يسعى لعودة الحياة السياسية الإسلامية فى الحكم....فهل هو تيار دينى أم تيار حقدى أم ماذا؟؟؟؟

تقر مواثيق العمل الدولى الموضوعة أساسا لحفظ الأمن والسلام العالمى-ظاهريا-والعمل على تنمية البشرية بمعناها الأكبر , تقر بإبعاد الفكر المتطرف الراديكالى عن الحياة فى أى بلد , كان هذا الميثاق وإن كان غير مكتوب , توجها ليبراليا عالميا بعد الحرب العالمية الثانية التى كلفت العالم فيها النازية والفاشية والإمبراطورية اليابانية أكثر من 60 مليون نفس!!!وخراب مربع على كل بقاع العالم تقريبا مازلنا نعانى منه فى مصر من جراء الألغام المزروعة فى الصحراء الغربية إلى اليوم, وحدثت ثغرات فى هذا الميثاق فأفرز الدول العظمى التى اقتسمت العالم فيما بينها بما فى ذلك ما كان يسمى بدول عدم الانحياز , وتطور الأمر ليفرز كيانات راديكالية أقصد تحت حكم راديكالى متطرف كالكيان الصهيونى , ووصول اليمين المتطرف لعديد من المناصب فى الدول الغربية.

وتحول الإسلام-وقبل ذلك بفترة طويلة-على يد العثمانين إلى دين للمجاملات والمذابح , وإن تضمن ذلك من بعض حكام العثمانين دفاعا عن عرض وكرامة الوطن الإسلامى وكان تطبيق بعضهم لمعنى "الإسلام وطن" السامى تطبيقا مشرفا حتى تأتى الثورات العربية المدعوة انجليزيا ومذابح الجيش التركى على يد الشريف علي بدعم الإنجليز بدعوى " التحرر الوطنى!!" ولا قاموا من أجل العدل بل قاموا من أجل الدنيا فكانت النتيجة سقوط الخلافة العثمانية وسقوط الحكم العربى بين يدي الانحلال التركى الحديث والخيانات العربية "المشرفة!!".....وظهرت عدة حركات فى البلاد تسعى لاستئناف الحياة الإسلامية تم احتواء معظمها إما بالفكر وإما بالقتل...وبدأ مصطلح الإسلام السياسى من هذا العهد وإن كان بسبب سقوط القطب الشرقي تحتاج الدولة الاستعمارية الكبرى لوجود عدو تغنى عليه بالحروب والشاهد أن الحرب هى حجة أمريكية وفرضية عدو مهم جدا لتجاوز القوانين وملئ الجيوب بصفقات السلاح وأموال دافع الضرائب الأمريكى أو غيره , ولا يدخل هذا فى نظرية المؤامرة لأن الأخيرة أشرف من ذلك بكثير.

قالوا قديما أن أى فكر به ثغرة , كبرت أو صغرت ولكنها تحتاج إلى تفنن فى التقدير والانتهاز....مثلا الفكر الشيوعي- وهو قريب لنا زمانيا ومعاصر- به ثغرة كبيرة فى وجهة نظرنا نحن المسلمين , ومثل ذلك لدى النصارى أو الدينيين عموما , وهى ثغرة الإلحاد والمادية الجدلية الماركسية وإن كانت غير ملزمة للشيوعى-كفكر سياسى شمولى يدعو إلى الاشتراكية الديموقراطية بصورة الملكية العامة وضرب الإقطاع وتعزيز المكتسبات الأممية للشعوب- ولكن بناء على نظرية ماركس المتعلقة بالترقى الاجتماعى وذوبان الأديان فى بوتقة الإقتصاد والوجود , تبنى قادة الشيوعية الإلحاد وقالوا بقدم العالم وبقاءه بقاء سرمديا أزليا!!!أى أرحام تدفع وأراض تبلع ودمتم موفقين!! ويلعب الرأسماليون على الثغرة للتحفيزضد الشيوعية فى العالم , فرأينا فى إيطاليا كيف تحولت الإنتجابات البرلمانية من يد اليسار بعد خطبة الأحد فى الفاتيكان والتى حشدت الناس-الكاثوليك الطليان- ضد الفكر الشيوعى عن طريق اللعب على الثغرة!!ورأينا كيف حشدت أمريكا الدول العربية وخصوصا فى الخليج الذى لطالما عانى من البائعين المأجورين كيف حشدت أمريكا التأييد وتمكنت من استعمار العرب الشرقيين-أى الخليجيين- ومعاداة الإتحاد السيوفييتى بل وقطع العلاقات معه بحجة أنهم " ملحدين " وأيدهم "ملطخة بدماء (إخواننا) المسلمين" وكأن أمريكا هى حامى الديار المسلمة المجاهدة التى ترفع لواء لا حكم إلا لله ومستعدة للموت من أجله والجهاد وكأن الكيان الصهيونى لم يتسلح من الإبرة للنووى من أمريكا والغرب وكأن الفيتو الأمريكى لم يستخدم عشرات المرات من أجل عاهرة الشرق"إسرائيل".....وكأن العرب والمسلمين لم يكتووا بنيران أمريكا ألف مرة ومازالوا.

أما وقد استخدم الفكر الدينى عموما كأداة معاداة ضد الشيوعية, والتى سقطت ووجدت الكيانات الأمريكية أن الخطر القادم هو الإسلام السياسى فبدأت الضرب فى العمق بعد انتهاء المهمة-تماما كما فعل أنورالسادات مع الحركة الإسلامية فى مصر استخدمها لضرب الشيوعين فى الجامعات والمراكز ولما انتهت المهمة أرسل بالإسلاميين إلى غياهب المعتقلات- وبدأت التيارات الإسلامية المعاصرة بالدوران على عدة مبادئ عقائدية وأخرى حركية تدور كلها فى فلك الحكم الإسلامي وهو ما اجتمعوا عليه.

اجتماعهم على ذلك كان للأسف فى المسمى واختلفوا إلى عشرات الفرق والجماعات وأصبحت تدور فى فلك القضاة لا فلك التكليف, وكأن الجنة والنار ملك لإحدى الفرق عن الأخرى وهى لهما القسيم , ووقعنا هنا فى مشاكل لا بد من إعادة النظر فى أسسها وهى كالتالى:-

1-   تفرع المنهجية عن الأصول المختلف عليها أصلا والاشتغال بالتبديع والتكفير والتفسيق.

2-   التذرع والتمترس خلف الشخصيات إما قديمة كابن تيمية وغيره وإما حديثة كالنبهانى وحسن البنا.

3-  اختلال منظومة الفكر فى قبول الأخبار والحكم على الحوادث فنجد منهجيات تعتبر كل ما ورد فى التراث مقدسا " منهج سلفى أورثوذوكسى" وآخر يرى بحاضرية الوجود فى ذوات ترفع لدرجة العصمة والقداسة " منهج كاثوليكى".

4-  دغمائية التفكير " التفكير بصورة المسلمات الفكرية والعقائدية التى لا تخضع للنقاش ولا التحليل" بين أعضاء هذه الفرق المشتغلة ب"الإسلام" السياسى

5-  انتهازية البعض للأحداث من التعاون مع ألف المعادى لباء دون معرفة موقف ألف منا ولا باء منا ولكن لمجرد الهوى والانتهازية , وتكون النتيجة بعد انتهاء المهمة الألقاء بكل التيار فى سلة المهملات الآدمية"المعتقل والقتل".

6-  عدم وضوح المنهجية فى التعامل مع الآخر واستئصال الفكر المخالف بحجة مخالفة "أهل السنة والجماعة" أو " جماعة المسلمين" أو " المراجع" أو أو أو....

7-   انفصال الحركات عن واقع المسلمين إما بالمنهج وإما بالصورة وإما بالشرائع.

8-  اللجوء للعنف بصور مختلفة إما العنف المادى وإما المعنوى والفكرى لمحاولة فرض المنهج والطريقة بأى نتيجة.

بكل ما سبق يصبح الإسلام السياسى بدون أى معنى وعليه يترتب وجوب مايلى:-

1-  إعادة صياغة المنهجية النقدية المبنية على العقل كأصل للنظر والقرءان كأصل للشرع والسنة كأصل للبيان والإجماع كحجة وحجج الله لا تتناقض ولا تتنافر, وتقتضى إعادة منهجية التثبت من السنة سندا وتفسيرا متنا.

2-   تحرير العقل من مفاهيم العصمة الزائفة والمنهج المعصوم لغير النبى"ص".

3-   التحرر من قوقعة المذهبية

4-   وضوح الهوية والرؤية وترك النفاق السياسى والفكرى

5-   التواجد الواقى للفكر بين أصاحبه-المسلمين-.

6-  وجود روح إعادة نهضة المسلمين لا إعادة الحكم الإسلامى كحكم , على الطريقة الحجاجية مثلا!!أوعلى طريقة قتل المرتد!!!أو قتل المخالف!!.

7-   اعادة التكليف كأساس لحمل المسؤلية الفردية والجماعية.

انتهى.....م/مصطفى أحمد

*منشور بتاريخ28/12/2004

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق